البرلمان الأوروبي يغلق أبوابه أمام البوليساريو
في خطوة غير مسبوقة، أعلن البرلمان الأوروبي إلغاء مجموعة “الصحراء الغربية” التي كانت تدعم البوليساريو، ما يُعد ضربة موجعة للدبلوماسية الجزائرية التي بذلت جهودا كبيرة للحفاظ على هذا الدعم.
ويعتبر هذا القرار مؤشرا على التحول الكبير في المواقف الأوروبية تجاه النزاع الإقليمي حول الصحراء، خاصة في ظل التأثير المتزايد للدبلوماسية المغربية.
سياق قرار البرلمان الأوروبي
ولطالما اعتمدت الجزائر على استراتيجيات دبلوماسية مبنية على تقديم الدعم المالي والامتيازات من أجل كسب التأييد لمواقفها داخل المؤسسات الأوروبية. وقد ظهر ذلك جليا من خلال دعمها لمجموعة البرلمان الأوروبي التي كانت تدافع عن أطروحة البوليساريو.
ومع ذلك، فإن هذا الأسلوب لم يعد كافيا لضمان استمرار النفوذ، خاصة مع تنامي الوعي داخل المؤسسات الأوروبية بشأن تأثير الفساد على السياسات الخارجية.
من جهة أخرى، أظهرت المغرب براعة في التعامل مع التحديات الدبلوماسية، مستندا إلى نهج مبني على الإقناع والاقتناع بدلا من تقديم “الشيكات”. وقد أثبتت هذه السياسة نجاحها في مواجهة الاستراتيجيات الجزائرية، إذ نجح المغرب في إقامة علاقات قوية مع عدد من الدول الأوروبية، وبات يُنظر إليه كشريك موثوق في قضايا التنمية والطاقة المتجددة.
تأثير القرار على الجزائر والبوليساريو
ويعتبر القرار ضربة قاسية للجزائر وحركة البوليساريو، التي كانت تعتمد بشكل كبير على دعم البرلمان الأوروبي لتعزيز موقفها في النزاع.
كما تزامن هذا القرار مع تراجع ملحوظ في النفوذ الجزائري داخل المؤسسات الأوروبية، نتيجة الفضائح المتعلقة بالفساد والرشاوى التي تورط فيها بعض البرلمانيين الأوروبيين المدعومين من الجزائر، وهو الوضع الذي يعكس فشل سياسة الرشاوى والإغراءات المالية في كسب التأييد المستدام.
وبالنظر إلى الطبيعة الديمقراطية لعملية التصويت، فإن القرار يحمل دلالة رمزية تعزز من موقف المغرب وتقوي شرعيته في الأوساط الأوروبية، فقد أظهرت النتائج أن الأغلبية الساحقة من أعضاء البرلمان الأوروبي صوتوا لصالح إنهاء دعم المجموعة المرتبطة بالبوليساريو، مما يبرز التغير في المواقف السياسية الأوروبية تجاه القضية.
دور الدبلوماسية المغربية في تحقيق التغيير
وحقق المغرب انتصارات دبلوماسية متتالية خلال السنوات الأخيرة، بفضل نهج متوازن يستند إلى الإقناع والشراكة المستدامة.
كما عزز المغرب حضوره في الاتحاد الأوروبي من خلال التركيز على ملفات اقتصادية واستثمارية ذات طابع استراتيجي مثل مشاريع الطاقة المتجددة والبنية التحتية، ما ساهم هذا النهج في خلق شبكة من الشراكات الدولية التي تصب في مصلحة قضيته الوطنية.
واستفادت الدبلوماسية المغربية من دعم دول كبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة، خاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء عام 2020. هذا التحول أعطى دفعة قوية للموقف المغربي داخل الاتحاد الأوروبي وأضعف محاولات الجزائر لتعزيز موقف البوليساريو.
تداعيات القرار على مستقبل البوليساريو
و يعني إلغاء البرلمان الأوروبي لدعم مجموعة البوليساريو أن هذه الحركة ستواجه صعوبة متزايدة في الحصول على تأييد دولي في المستقبل، كما سيؤثر هذا القرار بشكل كبير على وضع ما يسمى بـ”ممثلي” البوليساريو في أوروبا، حيث سيجدون أنفسهم في مواجهة تهميش متزايد داخل المؤسسات الأوروبية.
علاوة على ذلك، فإن هذا التطور يعكس فشل السياسة الجزائرية في تحقيق نتائج ملموسة عبر استخدام المال والنفوذ السياسي. وعلى العكس، فإن الدبلوماسية المغربية التي تعتمد على الحوار والإقناع قد أثبتت فعاليتها وقدرتها على تحقيق المكاسب المستدامة.
ويُظهر قرار البرلمان الأوروبي بإلغاء دعم مجموعة البوليساريو أن المواقف الدولية تتغير لصالح المغرب. يأتي ذلك نتيجة للعمل الدؤوب للدبلوماسية المغربية وسياساتها القائمة على الإقناع والشراكة بدلا من الرشاوى والفساد. من الواضح أن هذا القرار سيؤثر سلبا على الجزائر والبوليساريو، وسيمنح المغرب دفعة إضافية في الساحة الدولية، مما يعزز من شرعيته ويسهم في توطيد موقعه كلاعب أساسي في المنطقة.